نقد الأمل

الطبعة الأولى 1995
دار الكنوز - بيروت
الغلاف طالب الداوود
عدد الصفحات 147
الطبعة الثانية ‏1998‏
دار الكنوز - بيروت
الغلاف عبد الله يوسف
عدد الصفحات 208

 

في تفسير البحر

1

تعالوا نفسر هذا البحر
هل هو بحر . هل ماء ولون و أعماق وثروات الذين وضعوا أجسا دهم في مهب هذه الزرقة منذ طفولتهم، سيتذكرون أن بحرا مثل هذا كان قميصا يكفي لزينة البحار وهو يغادر الشاطئ
للمرة الأخيرةمذبوحا بوحشة الأعماق فقد كانت اللؤلؤة خبيئة أكثر مما ينبغي، فاستفرد به الوحش الذين عادوا إلى دورهم عراة من ثروات الصيف، يتذكرون الآن أن بحرا كهذا لم يعد يكفي لرحلة صغيرة نحو حبيبة تنتظر وأن ذلك الشتاء لم
يرأف بأحد منهم بحر مثل هذا عليه أن يصاب بالخيبة لأن ريحا قديمة لم تعد قادرة على تحريك شراع في صارية فالفساد قد طال الهواء
وإذا فسدت الريح فبماذا نبحر

2

تعالوا نفسر هذا البحر

الألف
صارية منتورة نحو الأعالي
تشهد أن لا إله إلا هو
وهو يرى إلينا من هناك, وينتخب لنا العصف والخوف والوصف البليغ
مثل كارثة
يرأف بنا من الحياةوتتكفل الصارية بنقض ما بشر به الموج
عمود يتقدم ويقود وعليه تصلب أجساد نارية الروح
ويصير البياض وشاحا يليق ببشارة الآفاق, حيث لا يشف المستقبل عن غد
وليس للنهار شمس ولا شرفات. لسان من خشب الغابات لا يغيب عنه الوحش
ولا يسمعه غير الطير الشارد

اللام
صنارة مكسورة الأسنان
مفغورة أمام مجهول الأعماق
غنية التجربة فقيرة الأمل
يسهر عليها صياد يرأف به النوم , وليست أحلامه إلا هدهدة لجوع مستفحل مستفرد بالوقت
ذيل هلال يتبجح بالخير الذي في الظن, ويتهجى أيام الشهر
مثل شيخ البحر الأهتم, يتناوب على
جلده النو , ولا يكاد أن يفهم

الباء
قارب متروك في وحشة الليل
تعبث به الحشرات والسراطين، يتأرجح مثل مهد طفل مخطوف. يمنح طيور البحر راحة في اليم
ويتيح للغرقى وهما سرعان ما ينفضح
قارب قريب من القبر نذ ر ه الأول ون مهدا للطفل, فجعله اللاحقون لحدا شاسعا للنسل
والحرث

الحاء
محارة مكنوزة بمرض المصادفات
شر شت الجسد بشظايا البحث, واستقرت في زينة البيت
هواء ناقص ، ماء ثقيل ، ومجمرة لا تدفء الغريب في زمهرير الوحدة
يحملها العائد تعويذة للطفل,
فتؤثث بها المرأة قفصها الموحش, لعله الحب

الراء
مرساة من سية في رمل الشطآن. نال منها الصدأ
وكادت ذاكرتها تنسى بهجة الأعماق المأهولة. مرساة .. مأساتها أنها لم تعد قادرة على
التشبث بشيء وكلما جازف بها الربان, لترصف السفينة, تأرجحت بين موتين
تيه الحديد في الأعماق بلاقرار
وتيه الخشب في الأقاصي بلا غارب
..هذا هو البحر
بحر لا حرية له في السفر ولا في الاقامة، لا يسعف السفن لا يحمل
الرسائل وتغرق فيه الأسماك

3

يقال إنه ماء يأخذ لونه من السماء. يقال إنه واضح وليس أمامنا إلا أن نقع في حبه. نتدل ه به, ونسوق له المديح في الح -ل والترحال, ولا نشغل أنفسنا بشمس لاتشرق عليه ولا تغرب. ولا نعبأ بالمصادفات التي جعلت من عناصره حروفا يمكن أن تصوغ حربا لئلا نفسد
العرس بالحرب. وثمة من يقول إن البحر ليس

(ربح) ولا (حبر)
وعلينا فقط أن نصد ق لكن، ما إن تكاسرت السفن الوحشية على البحر، و وضع كل قرصان خنجره في النحر الأزرق النحيل, حتى اضطرب الوضوح , و اختلط
على الواضحين

ربح --- البحر و بحر --- الحبر
تحول المشهد إلى
ضرب من الخطأ الفادح
يرتكبه مفسروا بحر غير قابل للتفسير
فصار أصحاب (الحبر) من هنا
وأصحاب (الربح) من هناك
وبقي البحر وحيدا
تحت سطوة السفن والقراصنة وشهوة النيران
من رأى بحرا مثل هذا
تنال منه النيران إلى هذا الحد
نيران تفتك بالعاشق و المعشوق في آن
المفسرون يقعون ضحية تفسيراتهم المضطربة
فيلجأون للتأويل
تعالوا، إذن
ننقض التفسير و التأويل
و نذهب أبعد من النص
..نذهب إلى البحر
نصغي إليه كما يقول هو
وليس كما قيل لنا عنه
أو كما تقو لوا عليه
..تعالوا
نشك في النص
و التفسير و المفسرين.. و

 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى