لقاءات
الأجوبة

المحاور/ الأسئلة :

- تقول في وصف قاسم: (كلما حاولت استمالته للمجالسة والتفاهم قليلا أعلن: لست منسجما ولست مهيئا للإنسجام. أليف ونافر في آن. كأنه لا يكتب النص للإتصال بالآخرين ولكن لينقطع عنهم ويبتعد، ويبالغ في ذلك ويباهي به).

- كيف يكون قاسم ذو الحضور الاجتماعي الطاغي ميدانيا، منقطعا عن الآخرين؟

ج/ منقطعاً ؟! من يستطيع الزعم بأنه منقطع عن الآخرين؟
ثمة فرق بين الاتصال بالعالم والامتثال لشروطه. بين الخضوع للواقع ونقده بالاحتفاظ بمسافة واضحة من هذا الواقع. فأنت لا تستطيع أن تكون نقدياً تجاه الواقع من غير أن تعرفه جيداً.
والانهماك في الحياة لا يعني التفرغ لتفاصيلها الفجة والمجانية فتخسر خصوصيتك ووقت ذاتك وبلورة حياتك.
ولعل في تعبير عدم الانسجام وعدم الاستعداد لذلك يشير إلى الموقف الجوهري لنقد الحياة. كما أن النفور من الواقع وتكريس النص للتعبير عن قطيعة الرؤية الشعرية مع الامتثال العام هو ضرب من الاستنفار اليقظ تجاه مكونات هشة لا تغني التجربة الإنسانية وبالتالي الشعرية، بل تستهلكها.
من هذه الشرفة فإن اتصالي بالحياة و الواقع هو اتصال في جوهر العمل الإنساني المنتج وليس في سلوكه الاستهلاكي السلبي.

- تكثفت تجربتك الفنية التي بدأت منذ الستينات بإصدار ديوانك الشعري الأول البشارة، تكثفت من الفن الفردي بقالب الشعر، الى الانفتاح على الفنون التشكيلية الجماعية، وبحيث بات قاسم يمزج الشعر بالموسيقى بالغناء بالرسم، عبر إشراك مبدعين في تلك الفنون في تخليق عمل فني مشترك ومتكامل، هل يتنبى قاسم بهذا منحى شموليا للفنون؟! وما الهدف الذي يسعى اليه قاسم لتطوير تجربته الشعرية التي هي بطبيعتها تجربة فردية الى التجارب الجماعية؟

ج / شهوة العمل الإبداعي المشترك مع فنون تعبيرية أخرى، هي من بين مكوناتي الثقافية، منذ ولعي بالتشكيل والمسرح والموسيقى. وحين تبلورت تجربتي في الكتابة تضاعف نزوعي ومعرفتي بضرورة الفنون البصرية والموسيقية لموهبة الكاتب وصقل حساسيته.
في العمل المشترك، كلما صار مبدعاً، هو حوار عميق بين المواهب والتجارب الإنسانية.
ليس ثمة هدف سوى معايشة ذلك الحوار الممتع والجميل والحضاري، وكل ما يحدث بعد ذلك هو تحصيل حاصل، ويتوجب أن يحدث من غير قصد، فالطبيعة لا تقصد جمال الشجرة و انهمار المطر واحتضان قوس قزح للعالم.
كما أن التطور الموضوعي للحياة الحديثة يجعل التقاطع النوعي بين الفنون هو من طبيعة حاجات الإنسان الحديث، بل أن مثل هذا التسارع المبهر لوسائط الاتصال و التعبير والإعلام والتقنية المذهلة من شأنها أن تجعل الأعمال الفنية المشتركة هي الباب الواسع الرحب أمام كل المبدعين لاقتحام حقول التجارب الفنية بلا خوف وبجرأة جمالية مطلوبة.

- كنت أول من وظف الشبكة المعلوماتية الدولية (الانترنت) ليحمل فن الشعر وذلك عبر إطلاق أول موقع الكتروني عربي متخصص بفن الشعر (جهة الشعر) عام 1994، ماذا أتاح لك الانترنت؟ ماذا أضاف إليك؟ كيف اثر على تجربتك؟ وماهو المستقبل لمزاوجة الشعر والانترنت؟ هل يؤسس قاسم بالانترنت نهاية عصر الكتاب الشعري المطبوع؟ أم يدشن عصر الشعر الانترنتي؟

ج / لا نهاية منظرة أو منتظرة للكتاب. لست ممن يتوهمون بأن الابتكار الجديد يجبّ ما قبله. على العكس، كل وسيلة جديدة تجعل أحقيتها في الوجود والانتشار يستوجب مجاورة ما قبلها حيث العالم والحياة يسع كل أشكال التعبير ووسائط العمل أيضا.
فحن مثلا لا نزال نستمتع بالراديو مثلما نجد في قصيدة امرئ القيس متعة لا تقارن وتستبدل. بهذا الشكل وجدت في شبكة الانترنت مكانا جديدا وجميلا للشعر والإبداع الإنساني كله، لكنني، حتى عندما كتبت ذات مرة بأن الكتاب الورقي هو ضرب من إعادة طباعة التراث، لم أقصد نفي حاجتنا للكتاب، لكن أشرت إلى محتملات تسارع الاعتماد الأعظم على النشر الالكتروني، للطبيعة العملية و التقنية المتقدمة التي لا يمكن المكابرة أمام أهميتها الحضارية.
بالنسبة لي، فتحت لي تجربة الانترنت والنشر الالكتروني فسحة نوعية على المستقبل المبكر. وأشعر يومياً بأن نصيباً كبيرا من حظنا الطيب يتحقق كلما عاصرنا وعايشنا هذه الوسائط التقنية الفاتنة، وأقول دائماً لأصدقائي الكتاب والشعراء، أنه ليس من الحكمة التردد والتأخر عن الاستفادة من هذه التجربة، لئلا يفوت الثقافة والإبداع العربي أكثر مما فاته حتى اليوم.
وكلما سمعت أو لاحظت شخصا يدخل في هذا العالم شعرت بالفرح لأن كائنا جديدا جاء يؤنسنا في هذه الزرقة الهائلة، ويشاركنا متعة تسع الجميع.

- ربيع الثقافة.... "أخبار مجنون ليلى" والعاصفة التي اندلعت ضد ما وصفوه بـ(لا أخلاقية العرض الذي اشتركت في تقديمه مع مرسيل حداد مازجا الشعر بالفنون الغنائية والرقص التعبيري)...ما الحكاية؟ وهل سيتضخم الرقيب الذاتي لدى قاسم بعد هذه الصدمة/الهجمة غير المتوقعة؟ أم هل سيتوقف المجنون عن غزله؟

ج / لا أحد استطاع أن يتدخل في حريتي في الظروف الأقسى و الأصعب والأكثر تسلطاُ وعنفاً، فكيف يمكن أن يحدث هذا بسبب ما تشير إليه؟
الحرية مسؤولية كبيرة لدى المبدع، والاحتفاظ بها في كل الظروف هي من بين أجمل ما اشعر به طوال حياتي. وأظن انه لولا قدرتنا على التمسك بحريتنا لما استطعنا على مواصلة الحياة.
حرية المبدع مثل العشق بالنسبة لمجنون ليلى. لن يتخلى أحد عن حريته في الحب.
من جهة ثانية، ليت الآخرين يثقون بأن الحياة تسع الجميع، من أنتج وأحب (ربيع الثقافة) ومن اختلف ولم يحب ذلك. دائما الحياة تكون أكثر جمالاً بالمختلفين وليس بالمتشابهين. الحياة في الغنى و التنوع.
فيما عدى ذلك، ليس بوسعي أن آخذ شيئا أو أحداً مأخذ الجد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالسعي لنفي ما يختلف، فالخطر في خطوة النفي المعنوي تكمن في كونها عتبة النفي المادي. وهذا لا ينسجم مع طبيعتي الشخصية.

- هل لا يزال قاسم مسكونا بالهاجس التجريبي اللغوي في نصه الشعري؟ وما هي الحدود التي يلتزم بها قاسم في هذا الاتجاه؟

ج / لا حدود لنشاط المخيلة لحظة العمل الفني. والتجريب ليس هدفا أو غاية، كل ذلك يحدث جميلا عندما لا تقصده. الموهبة و الصدق والجمال يحدث بالعفوية الموهوبة في العمل الفني. وكلما كانت المخيلة هي القائدة في لحظة العمل الفني صارت احتمالات الجمال ممكنة، بمعنى أن على المخيلة هي التي تتيح للعاطفة الصادقة حرية العمل بدون الخضوع لسطوة الذهن.
فالحلم هو ما يمنح الفن حريته المنتجة وجماله الفذ.

- هل بقى للشعر مكاناً في عصر العولمة / صراع الحضارات/ نهاية التاريخ؟ ما مستقبل الشعر في تقديرك في هذا العصر المجنون بامتياز؟

ج / الشعر دائماً في الزمان و المكان المستمرين. فالشعر هو جمال حياتنا.
كما إنني لا أرى شيئا جدياً في تعبر (صراع الحضارات)، الوعي بالإنسانية والرغبة الطبيعية في الاتصال الحضاري لا يشي بالصراع، لكن بالحوار.
واشعر كل يوم بأن الشعر هو الأفق الدائم لمستقبل الإنسانية

( تمت )
Hisham.adwan@alayam.com

Hisham Adwan
Media Senior officer

P.O.Box:18333
Manama, Kingdom of Bahrain

Mob: +973 39441664           Tel.: +973 17 388777          Fax.: +973 17 552681

E-Mail: hisham.adwan@lmra.org.bh                    Website: www.lmra.bh

السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى