مجنون ليلى

( بالاشتراك مع الفنان العراقي ضياء العزاوي)
طبعة لندن
مجموعة أرابسك - لندن 1996

 

.... أبدا أو يموت

ويروي صاحب الأغاني أن قيساً (ترك الصلاة، فإذا قيل له ما لك لا تصلي؟ لم يرد حرفاً، وكنا نحبسه ونقيده، فيعض لسانه وشفتيه، حتى خشينا عليه فخلينا سبيله يهيم) وبعضهم احتج عليه في دينه بشعرٍ له فنودي فيه (أنت المتسخط لقضاء الله والمعترض في أحكامه) وأخذوا عليه ما فعله في الكعبة من دعاء العشق وتفضيله نسيم الصبا وهو في حضرة قبر الرسول ويضيف صاحب الأغاني، إلى ما نريد، أن أهل ليلى أعلنوا بألا يدخل المجنون منازلهم أبداً أو يموت فقد أهدر لهم السلطان دمه وتختلط مقالة الوشاة ووعيد الأمير برغباتٍ شتى في إتلاف قيسٍ إتلافاً بحجة الخروج عن العرف تارةً والطعن في الدين تارةً وعلاقته بليلى أكثر الأحيان فاجتمعوا عليه من كل جانبٍ، يحبسون ليلى في زوجها من جهةٍ ويضيقون عليه خناق العزل في الوحش من جهةٍ واستطال به المقام في الوحش هرباً من بطش السلطان وتخفياً بليلى التي كانت تسري إليه في الغفلة بين وقتٍ وآخر قيل ثم انقطعت أخباره أياما، وإذا بأحدهم يتعثر بجثته في وادٍ غير ذي زرعٍ كثير الحجارة، وهو ميت بين الأحجار مشدوخ الرأس دماغه منتثر من حوله مضروب الأعضاء محزوز النحر و دمه كان لا يزال ينزف مثل غديرٍ صغيرٍ تقف عليه ظبية تنهل من قرمزه وتظلل جسده من هجير الشمس
قيل ولم تبق فتاة في البوادي والحضر إلا وخرجت حاسرةً صارخةً نادبةً، واجتمع الفتيان يبكون وينشجون، وحضر آهل ليلى معزين معهم المهدي جزعاً (لقد قتل نفسه، ولا ذنب لي فيما أصابه، اللهم لا غفران لمن دفع بنا إلى هذه الخاتمة)
قيل فما روئي يوم كان أكثر باكيةً وباكياً على ميت مثل ذلك اليوم

 

 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى