البشارة

ليس بهذ الشكل و لا بشكل آخر

الطبعة الأولى - 1997
دار قرطاس للنشر - الكويت
الغلاف عبد الله يوسف
عدد الصفحات 216

 

سينوغرافيا لمكابدة الشخص

س : مَـسٌّ يُصيبُ الشخصَ لحظة العرض، فيذرع المسافة بين جرح الخشبة وناس الصالة، (بقذف جسده في هاوية السرد)، وبين التخفي في تضاريس المشهد (بالإمتثال لوهم الصالة لتحويله إلى حلم). شخص مثل هذا ستراه في الأثير المتصاعد من أكباد مفدوحة ويعوزها الهواء .(خور المدّعي : موزه ، تفتقد زوجها ولا تريد أن تفقد ابنها، لكن سرعان ما نصاب معها بالفَقد. موجٌ كثيفٌ يغمر الخشبة، ويدفع الصالة للغرق نجاةً مما يبشّر به عسفٌ مهيمن، كأن الشخص يظل ضحية دائمة لتراث لا يريد أن يذهب. تدخل موزه في اللازورد ونذهب نحن إلى النوم الزاخر بالكوابيس. هل هي الشخص المسكوت عن فقدها؟).

ي : ضياعٌ مؤقت يقترحه النص على الشخص، ليتيح لكائنات العرض فضاء التماهي في حقائق كثيرة متعارضة لا تشفُّ إلا عن الوهم. ثمة شخص يجنُّ جنونه عندما ينام، يزعم أنه وقت ضائع بعيداً عن المسرح. وما إن اكتشف الحلم حتى أخذ النص يبدأ من هناك ، حيث لا نكون صادقين إلا هناك، في الأقاصي الخفية. (الشهادة : ربما كان الجنون هو البوابة المشرعة أمام هذا الجيل. هذا شخص يريد أن يقول أن كل شييء باطل وقبض الريح ، إذا نحن لم نتدارك الخراب الماثل . إنه يرصف وثائق سعيه إلى الدرس ، ويتعلّم أن اليأس يترصد به. فيضع شباك الصيد على كتفيه ويذهب إلى البحر، دون أن نعرف : هل إلى العمل أم إلى الإنتحار).

ن : يخرج الشخص من جلده . يلتفت ، فيرى إلى لحمه وجلده وعظامه مكدسة على خشبة الناس. يشغل مقعداً شاغراً في الصالة متكئاً على جسد مفؤود، وإذا بالحياة تدبُّ (مثل الريح والرماد) في العناصر والأخلاط ويبدأ حريقٌ يسمونه الفينيق. (الملقن : شخص يقبع في زنزانة بحجم جسده ، يتوهم أنه يقود الجميع. يخرج الجميع عن النص : في العرض وفي الواقع. أحلامه أكثر جمالاً من الوظيفة، لكنه لا يقدر على مجابهة الناس إلا إذا كان متوارياً هناك في زنزانته المتوهجة. هل يقترح الفصحى فيصاب بالدارجة؟.

و : وحده يكتب النص، وحده يدرّب الأعضاء والعناصر وأخلاط الروح، وحده مصلوبٌ على خشبة . وحده ينظر إلى صالة الناس الشاغرة هامساً " إلهي لِـمَ تركتني " أو " إلهي اغفرْ لهم مايفعلون". ويظل وحده يشغل فضاء الوقت والمكان ، يجدّف ويهذي : " جدّفتُ ، جدّفتُ، لا قاربي في وصولٍ ، ولا الله يعفو." ولا يزال الوحيد .. وحده. (مظلوم ظلم مظلوم : ثلجٌ يتضاعف كلما هتف له الناس. تشبث بالماضي رجاة أن لا يتركنا لحاضر يستفرد بنا أو مستقبل لا يأتي. الحرية ، شعلة الرأس، تختزل في لون البشرة. وحتى إذا قيل للشخص : كـرّ وأنت حـرّ ، فالحقيقة أكثر ضراوة من الوثيقة. الذين يضعون النصل في النحر لا يكترثون بلون البشرة. إنهم فحسب لا يرون في لقاء الشخص بقرينه سوى فضيحة فادحة . هل طائر جناحاه الحب والحرية؟).

غ : بنطاله المعلق في أرجوحة الشك، كمن يحمل تركة "ماياكوفسكي" الزهيدة. شخصٌ يهزُّ كرسيَ المسرح لئلا ينام. قلقٌ ، لا يهدأ ولا يستقر، لا تكاد تعرفُ هل ذراعاهُ أم أجنحةٌ تتأرجَفُ في كتفيه. يشكُ في النص وعرضه، فكيف يثق في بنطالٍ مشحونٍ بالغيم. (بنت عيسى : الحب .. الحب. ثمة من يحرك الجمر النائم في الجوانح. نزوع نحو رومانسية جارحة يتوجب علينا أن لا نغفل عنها. شخص يتأرجح بين الجنون (بصيغة السكر) وبين الوهم (بصيغة الحلم). مدججاً بالسلاح الذي لا ينقذ القتلى : الشعر. أن لا يكترث الآخر بحبك، يعني أن تكون شهيداً بامتياز. من يقدر على تفادي الحب؟).

سينوغرافيا لمكابدة الشخص

س : مَـسٌّ يُصيبُ الشخصَ لحظة العرض، فيذرع المسافة بين جرح الخشبة وناس الصالة، (بقذف جسده في هاوية السرد)، وبين التخفي في تضاريس المشهد (بالإمتثال لوهم الصالة لتحويله إلى حلم). شخص مثل هذا ستراه في الأثير المتصاعد من أكباد مفدوحة ويعوزها الهواء .(خور المدّعي : موزه ، تفتقد زوجها ولا تريد أن تفقد ابنها، لكن سرعان ما نصاب معها بالفَقد. موجٌ كثيفٌ يغمر الخشبة، ويدفع الصالة للغرق نجاةً مما يبشّر به عسفٌ مهيمن، كأن الشخص يظل ضحية دائمة لتراث لا يريد أن يذهب. تدخل موزه في اللازورد ونذهب نحن إلى النوم الزاخر بالكوابيس. هل هي الشخص المسكوت عن فقدها؟).

ي : ضياعٌ مؤقت يقترحه النص على الشخص، ليتيح لكائنات العرض فضاء التماهي في حقائق كثيرة متعارضة لا تشفُّ إلا عن الوهم. ثمة شخص يجنُّ جنونه عندما ينام، يزعم أنه وقت ضائع بعيداً عن المسرح. وما إن اكتشف الحلم حتى أخذ النص يبدأ من هناك ، حيث لا نكون صادقين إلا هناك، في الأقاصي الخفية. (الشهادة : ربما كان الجنون هو البوابة المشرعة أمام هذا الجيل. هذا شخص يريد أن يقول أن كل شييء باطل وقبض الريح ، إذا نحن لم نتدارك الخراب الماثل . إنه يرصف وثائق سعيه إلى الدرس ، ويتعلّم أن اليأس يترصد به. فيضع شباك الصيد على كتفيه ويذهب إلى البحر، دون أن نعرف : هل إلى العمل أم إلى الإنتحار).

ن : يخرج الشخص من جلده . يلتفت ، فيرى إلى لحمه وجلده وعظامه مكدسة على خشبة الناس. يشغل مقعداً شاغراً في الصالة متكئاً على جسد مفؤود، وإذا بالحياة تدبُّ (مثل الريح والرماد) في العناصر والأخلاط ويبدأ حريقٌ يسمونه الفينيق. (الملقن : شخص يقبع في زنزانة بحجم جسده ، يتوهم أنه يقود الجميع. يخرج الجميع عن النص : في العرض وفي الواقع. أحلامه أكثر جمالاً من الوظيفة، لكنه لا يقدر على مجابهة الناس إلا إذا كان متوارياً هناك في زنزانته المتوهجة. هل يقترح الفصحى فيصاب بالدارجة؟.

و : وحده يكتب النص، وحده يدرّب الأعضاء والعناصر وأخلاط الروح، وحده مصلوبٌ على خشبة . وحده ينظر إلى صالة الناس الشاغرة هامساً " إلهي لِـمَ تركتني " أو " إلهي اغفرْ لهم مايفعلون". ويظل وحده يشغل فضاء الوقت والمكان ، يجدّف ويهذي : " جدّفتُ ، جدّفتُ، لا قاربي في وصولٍ ، ولا الله يعفو." ولا يزال الوحيد .. وحده. (مظلوم ظلم مظلوم : ثلجٌ يتضاعف كلما هتف له الناس. تشبث بالماضي رجاة أن لا يتركنا لحاضر يستفرد بنا أو مستقبل لا يأتي. الحرية ، شعلة الرأس، تختزل في لون البشرة. وحتى إذا قيل للشخص : كـرّ وأنت حـرّ ، فالحقيقة أكثر ضراوة من الوثيقة. الذين يضعون النصل في النحر لا يكترثون بلون البشرة. إنهم فحسب لا يرون في لقاء الشخص بقرينه سوى فضيحة فادحة . هل طائر جناحاه الحب والحرية؟).

غ : بنطاله المعلق في أرجوحة الشك، كمن يحمل تركة "ماياكوفسكي" الزهيدة. شخصٌ يهزُّ كرسيَ المسرح لئلا ينام. قلقٌ ، لا يهدأ ولا يستقر، لا تكاد تعرفُ هل ذراعاهُ أم أجنحةٌ تتأرجَفُ في كتفيه. يشكُ في النص وعرضه، فكيف يثق في بنطالٍ مشحونٍ بالغيم. (بنت عيسى : الحب .. الحب. ثمة من يحرك الجمر النائم في الجوانح. نزوع نحو رومانسية جارحة يتوجب علينا أن لا نغفل عنها. شخص يتأرجح بين الجنون (بصيغة السكر) وبين الوهم (بصيغة الحلم). مدججاً بالسلاح الذي لا ينقذ القتلى : الشعر. أن لا يكترث الآخر بحبك، يعني أن تكون شهيداً بامتياز. من يقدر على تفادي الحب؟).

ر : يبدأ الحب هكذا : يضع الشخص راحة يده على شعلة النار متضرعاً " امنحوني حبيبتي بقدر صبري على النار". ينتهي الحب هكذا : يصير العرض والخشبة والجسد في الهشيم، ويبقى الشخص محتقناً ، أحداقه مفتوحة على آخرها في الإنتظار، حيث لن يأتي أحد، تظل الصالة سادرة في بلهنية الناس . ويبقى الحب هكذا : وحيداً .. وحده . (الظلمة : ليست عكس النور في هذا الفنار ، فالظلمة هي أحلام الدواخل المعتمة. وربما كان الشخص هناك أكثر حرية منه عندما يكون مباحاً أمام الآخرين. كان علينا أن نزيح الظلام عن مواقع أقدامنا في المكان الضيق مثلما نزيح ستارة الممر. و كلما توغلنا في ذلك ازدادت الظلمة كثافة. كان الشخص (المنقسم على إثنين) يحاول خداعنا بأن ثمة من سيأتي لإنتشالنا من العزلة التي نتورط فيها. شخصياً، تمنيت حقاً أن لا يأتي أحد. هل يأتي أحد على الإطلاق؟).

أ : تقمّص أجمل الحيوانات وأشجع السباع : الخيل والأسد ، وجاءَ متأخراً عن الغابة . من أين لك هذا الإسم العاصف أيها الشخص. شخصٌ مثلك، يتكبّد خرائط الناس ويلوب حول بيته مثل وحش مضمخ بالجراح، كيف لنا أن نسمّي الليلَ بغيره. تضع تاجَ الذهب الشائخ في رأسك زاعماً أنه سرير المخيلة، وتوزع الفضةَ خيطاً خيطاً على أردية الناس. من الذي اختار لك اسماً مثل هذا .. يقدر على الفتنة. (لماذا يبدو الموت أكثر رأفة من انتظاره ؟)

ف : هل المسرح بيت الناس أم هو دار المتعة. ثمة فرق. البيت هو مكان الجسد وروحه، النوم وحلمه، الحياة وموتها. البيت هو الفضاء القابل للشَغْر والإمتلاء معاً ودوماً. أما دار المتعة فهي المكان الطارئ الذي يذهب إليه الشخص لكي يعود سريعاً إلى البيت. من هنا السؤال : هل المسرح (شيء في الحياة) أم هو (الحياة كاملة). (الفشت : ربما كان الإيقاع هو من يعمل على تعرية الأرواح الضائعة. شخص يقدر على استحضار الأقاصي المسكوت عنها، فللإيقاع فعل السحر. هدير لا يتوقف وبوح يتدفق بين كائنات بحرية أكثر من اللازم. "الفشت" ليس أرضاً يابسة ولا جزيرة ، لكنه بين بين ، وما إن تقع عليه سفينتك حتى توشك على التهلكة (وهذا من حقك) لكن لا أحد يستطيع مساعدتك : لا

عوني ولا عون لك، وعليك أن تغرق مطمئناً بأن كل شيئ ليس على ما يرام. فمن لديه الثقة ؟)

ي : نَصُ الشخص ، هو ضَربٌ من إحلال الجسد مكان المكان. يَصدرُ الشخصُ عن جسدٍ تختبره المحنةُ، لكي يصل إلى أجسادٍ مطروحة في الإمتحان. ويجوز أن نسأل ، هل هو نفس الشخص أم قرينه. لا أحد يزعم أنه يعرف، ثمة من يزعم أنه يسعى إلى المعرفة. الجسدُ لا يعرف ، لكنه لا يجهل. الروحُ لاتعرف ، كأنها لا تجهل.

أ : كأن هذا الحرف الأخير هو بداية الأبجدية ومفتتحها . كأننا (بعد كل اختبارات الجسد ومحنة الروح) لم نزل في أول الأبجدية... يجب أن نعترف أننا كذلك .*

يبدأ الحب هكذا : يضع الشخص راحة يده على شعلة النار متضرعاً " امنحوني حبيبتي بقدر صبري على النار". ينتهي الحب هكذا : يصير العرض والخشبة والجسد في الهشيم، ويبقى الشخص محتقناً ، أحداقه مفتوحة على آخرها في الإنتظار، حيث لن يأتي أحد، تظل الصالة سادرة في بلهنية الناس . ويبقى الحب هكذا : وحيداً .. وحده . (الظلمة : ليست عكس النور في هذا الفنار ، فالظلمة هي أحلام الدواخل المعتمة. وربما كان الشخص هناك أكثر حرية منه عندما يكون مباحاً أمام الآخرين. كان علينا أن نزيح الظلام عن مواقع أقدامنا في المكان الضيق مثلما نزيح ستارة الممر. و كلما توغلنا في ذلك ازدادت الظلمة كثافة. كان الشخص (المنقسم على إثنين) يحاول خداعنا بأن ثمة من سيأتي لإنتشالنا من العزلة التي نتورط فيها. شخصياً، تمنيت حقاً أن لا يأتي أحد. هل يأتي أحد على الإطلاق؟).

أ : تقمّص أجمل الحيوانات وأشجع السباع : الخيل والأسد ، وجاءَ متأخراً عن الغابة . من أين لك هذا الإسم العاصف أيها الشخص. شخصٌ مثلك، يتكبّد خرائط الناس ويلوب حول بيته مثل وحش مضمخ بالجراح، كيف لنا أن نسمّي الليلَ بغيره. تضع تاجَ الذهب الشائخ في رأسك زاعماً أنه سرير المخيلة، وتوزع الفضةَ خيطاً خيطاً على أردية الناس. من الذي اختار لك اسماً مثل هذا .. يقدر على الفتنة. (لماذا يبدو الموت أكثر رأفة من انتظاره ؟)

ف : هل المسرح بيت الناس أم هو دار المتعة. ثمة فرق. البيت هو مكان الجسد وروحه، النوم وحلمه، الحياة وموتها. البيت هو الفضاء القابل للشَغْر والإمتلاء معاً ودوماً. أما دار المتعة فهي المكان الطارئ الذي يذهب إليه الشخص لكي يعود سريعاً إلى البيت. من هنا السؤال : هل المسرح (شيء في الحياة) أم هو (الحياة كاملة). (الفشت : ربما كان الإيقاع هو من يعمل على تعرية الأرواح الضائعة. شخص يقدر على استحضار الأقاصي المسكوت عنها، فللإيقاع فعل السحر. هدير لا يتوقف وبوح يتدفق بين كائنات بحرية أكثر من اللازم. "الفشت" ليس أرضاً يابسة ولا جزيرة ، لكنه بين بين ، وما إن تقع عليه سفينتك حتى توشك على التهلكة (وهذا من حقك) لكن لا أحد يستطيع مساعدتك : لا

عوني ولا عون لك، وعليك أن تغرق مطمئناً بأن كل شيئ ليس على ما يرام. فمن لديه الثقة ؟)

ي : نَصُ الشخص ، هو ضَربٌ من إحلال الجسد مكان المكان. يَصدرُ الشخصُ عن جسدٍ تختبره المحنةُ، لكي يصل إلى أجسادٍ مطروحة في الإمتحان. ويجوز أن نسأل ، هل هو نفس الشخص أم قرينه. لا أحد يزعم أنه يعرف، ثمة من يزعم أنه يسعى إلى المعرفة. الجسدُ لا يعرف ، لكنه لا يجهل. الروحُ لاتعرف ، كأنها لا تجهل.

أ : كأن هذا الحرف الأخير هو بداية الأبجدية ومفتتحها . كأننا (بعد كل اختبارات الجسد ومحنة الروح) لم نزل في أول الأبجدية... يجب أن نعترف أننا كذلك .*

 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى