مفرطون في الحياد، يضاهون السكينً

(1)

انتبه،
ثمة الهواء الأسود يمزج لك نصيبك من صباح يجهش بالبكاء
على قتلى يبكرون في الذهاب إلى سريرهم الأخير.
انتبه،
ليس الغموض في الموت
الغموض في الحياة.

(2)

يتغرغر الأفق بالكائنات الوحيدة
تخرج من كتاب الليل
فلا تجد سوى العتمة الكثيفة مشرعة أمام خطواتها
مثل شراك ترصد الطريق.

(3)

سمعت الأجراس وهو تنهض من نومها
سمعتها مبحوحة الصوت
تريد للريح أن تحمل الكلام
تريد للزرقة أن تبذل السماء
تريد للطرائد أن تكف عن الحكاية
سمعت الأجراس تخلع نحاسها العتيق
وتأمل في هواء جديد
هواء أكثر رحمة من الحجر.

(4)

ليس الضجيج بديلاً للكلام
الذين يقترحون علينا مهرجانات الكلام بديلا عن البوح
يقعون في الخطأ،
غير أن من يفرضون الشباك الواسعة على الأسماك
بديلاً عن الحرية يرتكبون الخطيئة
حيث الاحتقانات المؤجلة التي لا ترحم.

(5)

تأجلتُ كي أمنح الوقت وقتاً
تأجلت كي لا يقال بأني تفاديت موتي
تأجلتُ مستنجداً بالصدى
أيها هذا الصدى
هل سمعت الكلام الأخير
تأجلتُ كي يرأفَ الموت بي
وينتابني قاتلي في الكتاب الصغير.

(6)

لغة ليست في نوم و لا يقظة ،
و تتقمص طبيعة الغفلة .
حيوانات الطبيعة تتفلّت من سطوة الغابة .

(7)

يده فوق كتفي ، و له صوت الجرس الذي ينهر الشعوب لصلاة الليل :
ألم تشحذ أعضاءك كل تلك التجارب ،
ألم تحلم في كل لياليك أن تصل إلى هذا الجسد الفاتن
و تختبره بزفير قصباتك التي أوشكت على الكهولة؟
كنت تسمّي هذا الحلم كابوس المستقبل .
شعوب تتحرك مثل أفراس تحرن أمام مداخل الجسد.
شعوب متكئة على أكباد شهدائها،
تدفع بهم إلى جسرٍ أؤّله في الدم و آخره في الندامة .
شعوب تعرفها هزيمةً هزيمة .
لها أسماء أخذت أشكالها من القنافذ والضفادع وتقمّصت ذكاء الكباريت.
ها أنت الآن ، أمامك أشداق الحرب :
حيث الضحايا تتفاقم و تتصرف كما لو أنها قاتل يستعيد جنونه .
و المفرطون في الحياد يضاهون السكين، و يزعمون بأن ثمة نصر في كل هذه الهزائم . و يبقى لك أفق الأشداق كأنها الحلم الذي يمتد من جسد مشبوق إلى جسد مشنوق .

(8)

شعوب تسلم قيادها للطغاة وتتجرع الوهم حتى الثمالة، ففي كل حرب يطيب لطهاة المآسي ومهندسي الكوارث أن يحققوا للشعوب المكسورة أمنيتها الأخيرة :
الموت بدون ألم / سرير من المسامير المسنونة.
وللجسد أن يهنأ بنوم الكوابيس بعد ذلك.

(9)

لست إلا من الطيف
من مائه المستهام
لست إلا صدى للفضيحة
للمنتهى وهو يبدأ
مستوحشاً في شظايا الظلام.

(10)

لا تقل بيننا ما يمزج الريح بالبيت
لا تقل بيننا شهقة العشق
قل أننا نلتقي عندما يبدأ المنتهون
عندما يسكت الحكم عن حكمه
عندما يخرج الصامتون إلى الصوت. @

 
 
السيرة الذاتية
الأعمال الأدبية
عن الشاعر والتجربة
سيرة النص
مالم ينشر في كتاب
لقاءات
الشاعر بصوته
فعاليات
لغات آخرى